لقد كان لسقوط جدار برلين صدى مدوي عالمياُ وكان لحدث انهيار الاتحاد السوفياتي صدى عالمي ومنعطف تاريخي في العالم .
ولكن بداية الثورات العربية هي الحدث الأبرز والأكثر زلازلاً على الصعيد العربي والدولي فلا أحد كان يتوقع أن يحصل ما حصل ولا أحد كان يتوقع أن ينهض العرب من ثباتهم الطويل ؛ نهضت الشعوب العربية نهضة المارد الذي خرج من [القمقم ] وكسرت كل الرهانات ، وأصبح المشهد العربي والإقليمي والدولي في حالة تخبط وحالة ضبابية مطلقة ، فالشعوب العربية رغم الجراح والثمن الكبير الذي تدفعه الأن هي في حالة أمل والطرف الأخر الدكتاتورية ومن خلفها القوى الكبرى في حالة تشائم وخوف من المستقبل المجهول .
- فالخوف الأول هو على نحمة دواد المصطنعة في العالم العربي
- والخوف الثاني هو على مصالح الدول الكبرى
- والخوف الثالث هو من نهضة عربية شاملة ـ علمياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً. ويعلم العالم كله مدى الإمكانيات الأقصا دية العربية ومدى إمتلاك العرب لمخزون لا ينضب من العقول المبدعة والخلاقة ويعلم الغرب أيضاً مدى خطورة إتحاد العقل المبدع مع رأس المال العربي .
- والخوف الربع هو من قيام اتحاد الدول العربية في دولة واحدة . أما المخاوف من الأسلاميين والتطرف والخوف على الأقليات فهذا كله كذب وأفتراء لا أساس له من الصحة ؛ فالتطرف والأرهاب صناعة غربية بأمتياز وليس صناعة عربية والأقليات تعيش في العالم العربي منذ الألاف السنين في نسيج واحد مع باقي فئات الشعوب العربية والسمة العامة هي الإخاء والتسامح والمحبة والتعايش السلمي .
فعلى من يكذبون هؤلاءـ ايظنون أن الشعوب العربية لا زالت ساذجة أو خائفة أو تصدق- الطفل الصغير يعلم الحقيقة .
ولا بد لنا أن نستعرض بإيجاذ الوضع العربي بالعودة إلى الماضي اللآمجيد للعرب منذ تحرير الوطن العربي من الإستعمار الأجنبي إلى تاريخ اليوم :
ـ مع أستقلال الدول العربية وظهور العالم الحديث :
الذي بدأ بالإعلان عن عالم العقل والعلم وحقوق الأنسان والمجتمع المدني والحريات والمساواة ، تلك العبارات التي أطلقها الغرب الحديث الذي أصبح يبشر بأن العالم سيتحول إلى واحة خضراء ومع بلوغ أوربا وأمريكا ذروة القوة أصبحوا يطبقوا هذه المبادئ داخل مجتمعاتهم وخارج مجتمعاتهم يطبقوا مبادئ الهدم والتدمير والتشجيع على نشر الأسطورة والخرافة والتسلط والقهر ودعم الأنظمة الدكتاتورية في العالم الثالث والوطن العربي له الأولوية الأولى لتكون إسرائيل في أمان لاستمرار ديمومتها اللآشرعية .
ـ وقد عمل ساسة الغرب :
على شق الصف الوطن في العالم النامي وغزة عقول فتأت منبهرة بالغرب وعلومه وحداثة لتجري تلك الفئأت وراء وهم الحداثة الغربية والوعود الزائفة ولم يكن بالإمكان حنذاك فعل أي شيء بالعالم الثالث دون إرادة الحكام الذين هم بلا إرادة ، وكذلك سعة القوى الغربية النافذة لصنع فئأت أصولية متطرفة في العالم العربي والثالث تؤمن بالتعصب والعنف والأنغلاق على الذات . ونجحت قوى الغرب في تغذية التناحر بين الفئأت بالداخل والخارج وأصبحت كل فئة تخون الفئة الأخرى وتنامي هذا الخلاف في لبنان مما أدى إلى حرب أهلية طاحنة وكذلك في الجزائر واليمن والسودان وسوريا إضافة إلى تناحر الحركات الفلسطينية وبقي هذا الوضع طيلة أكثر من نصف قرن قنبلة موقوتة تعرقل وتهدد الشرق الأوسط ، لتزداد إسرائيل قوة بطش وأرهاب .
ــ وفجأة وبدون مقدمات طويلة :
إنتهت الحرب الباردة وسقط الأتحاد السوفياتي ومعه المعسكر الأشتراكي واصبحت أمريكا هي القطب الأوحد وقادت اولى حروبها وهي حرب [الخليج الثانية] وعززت تواجدها في الخليج العربي ومع تصاعد قوة القطب الواحد وأمام العجز العربي المخزي أصبحت الحقوق العربية في حالة تأكل وتربعت الدول الثمانية الكبرى على عرش الإقتصاد والعالمي دون منازع وأطلقت ما يسمى بعالم [العولمة ] وبدون عدو لن تكون هناك تجارة أسلحة و أصبحت القوى الإسلامية المدعومة من الغرب هي عدو أمريكا والغرب الأول وتبادل الطرفان العداء بالعداء . ليدفع العرب الثمن مرة أخرى ويدخلون في حرب ليست حربهم بحجة التطرف والأرهاب .
ـ إن التطرف:
موجود في كل أمة وشعب وهناك أوجه متعددة للتطرف وتعريف التطرف هو سعي تيار[ ما ] لفرض توجهاته متجاهل رأي الأخرين وهناك التطرف الإقتصادي الذي لا يرى إلا الربح والخسارة بغض النظر عن المصلحة الإنسانية .
وأشد أشكال التطرف هو التطرف الصهيوني الذي يؤمن بالعنصرية المطلقة وهناك التطرف الديني
- التطرف المسحي : الذي لا يؤمن بالحوار ويدعو إلى تجدد الحروب الصلبية وقد عبر عن هذا التطرف الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الأبن عندما أستخدم مصطلح [الحروب الصلبية] لوصف حربه ضد الإرهاب القادم من العرب والمسلمين على حد زعمة .
ـ وأذا عدنا إلى الحروب الصليبية ونظرنا إلى التطرف اللامعقول وأخذنا صورة من الحروب الصليبية .
ـ ففي عام 1099 وبعد حصار أستمر خمسة أسابيع لمدينة القدس دخل الفرنجة الصليبيون القدس وقاموا بمذبحة بشعة مارسوا فيها أشبع صور الوحشية والعنف. وأبيحت القدس على مدى ثلاث أيام للسلب والنهب وامتلأت شوارع القدس بالدم والجثث والروائح الصادرة من المنازل المحترقة الممزوجة بالدم والجثث المتعفنة .
وبعد 88 عام ـ وفي عام 1187 دخل صلاح الدين الأيوبي القدس دون قطرة دم واحدة وأخرج الصليبين في حراسة القوافل الأسلامية لضمان حياتهم وفتح ابواب القدس للصلبيين الراغبين بالحج إلى القدس - فعن أي تطرف إسلامي يتحدثون : عن الذي صنعوه بأنفسهم، أم عن الذين يردون الظلم عن أنفسهم من أجل التحرير.
ـ والتطرف السياسي:
هو الأخطر على مستوى العالم العربي وهو الذي دعى الشعوب العربية للثورة [ مهما كان أسمها ربيع العربي ـ ... الخ ] لا يهم المهم أن الثورات قد بدأت ولن تتوقف. لقد ساء الوضع في العالم العربي بناء على معطيات وأحداث الماضي حتى بلغ [السيل الزبى ] وأصبح الداخل يضرب الداخل وأصبحت القوى العظمى تحصد نتائج أعمالها وتحصد الشوك الذي زرعته بأيديها .
- أليست القوى الكبرى هي من صادرات مفاتيح الحلول في العالم العربية وبالذات مشكلة القضية الفلسطينية ووضعته في خزانة اللوبي اليهودي.
- أليست هي من دعم الديكتاتوريات في العالم العربي والأن دقت ساعة اليقظة العربية الكبرى وسحبت الكرة من ملعب القوى الكبرى وأصبحت في ملعب الشعوب العربية وإذا كان الشغل الشاغل اليوم للشعوب العربية هو إستعادة حريتها وكرامتها المسلوبة اليوم .
- غداً سيكون الشغل الشاغل لها هو الاتحاد بكيان عربي واحد وقيام الدول العربية الموحدة وهذا هو الخطر الأكبر على قوى الهيمنة العالمية . وبناء عليه فقد بدئت بأخذ الأمور على محمل الجد وأتجهت إلى تفتيت الدول العربية إلى دويلات وأبسط الأمثلة ما يحصل في مصر ، ظاهر الأمور أن هناك خلاف بين الفرقاء السياسيين وباطن الأمر أن هناك مؤمراة لتقسيم مصر إلى دولة إسلامية وأخرى قبطية ، على غرار السودان وكذلك ليبيا والأن ترسم الخطط لتقسيم سوريا وغداً الحبل على الجرار .
مسؤولياتنا :
أن التجارب تعلم الجميع وعلى العالم العربي أن يستفيد من تجارب الماضي وأن لا يسمح بسيكسبيكو [ثانية ] .
علينا أن نحتمل مسؤوليتنا لننهض بذاتنا ونثبت وجودنا على كافة الأصعدة ـ السياسية والإقتصادية والعلمية والاجتماعية . علينا أن نحذر الكلام الكثير والعمل القليل كما كانت تفعل الديكتاتوريات حيث لا عمل لهم إلا الكلام وتصوير الواقع الوهمي الذهبي والبطولات الفارغة اللآموجودة .
علينا أن نبدأ من جديد بعزم وإرادة من حديد ، حتى نكون أمة تحظى بإحترام نفسها وأحترام باقي الأمم الحديث عن الطائفية هوحديث فتنة مغلف بمؤامرة حقيقية وأقول كفا بتجربة الهند الديمقراطية أنها أمم مختلفة ومع ذلك هي دولة واحدة تتقدم علمياً وإقتصادياً [ ...الخ؛ ]
ليست هناك تعليقات